اللباب علل البناء والإعراب
أبو البقاء ،عبد الله بن الحسين العُكبري
مسألة
الهمزةُ في إوزّة زائدةٌ وأصلُها إفْعَلة لأنَّ الهمزةَ بعدَها ثلاثةُ أحرف أصول وهو اسمٌ غيرُ صفةٍ فلا يمنع مجيئه على هذا البناء كما امتَنَع في إمَّعة ولا يجوز أن تكونَ الهمزةُ والواو أصلَيْن إذ ليس في الأصول وزّ ولا أنْ تكونَ الواو زائدةً لأنَّ ذلك يصيرُ إلى فَوْعَل ولا نظيرَ له
مسألة
الهمزةُ في إشْفَى زائدةٌ وهو اسمٌ من شَفَى يَشْفي والجمع أشافي وليسَ ذلك بشاذّ إنَّما الشذوذُ فيه إذا كان صفةً
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 238 ]
مسألة
أرْوَى فَعْلى والجمع أرَاويّ ولم تَنْصرف لألف التأنيث
مسألة إدْرَوْن إفْعول من الدَّرن لأنَّ معناه دُرديّ الزيت ويقال أيضاً فلان على إدرونه أي على أصله
مسألة
أُفْعُوان أُفْعُلان وأصلُ الكلمة من الفَعْو وهو السُّمّ وقيل هو مقلوب من فَوْعة الطيِّب أي حِدّته فالفاء والعين والواو أصول ووزن أفْعَى أفعل
مسألة
في وزن أرْطَى قولان
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 239 ]
أحدهما هو فَعْلى وألفُه للإلحاق بِجَعفر والدليلُ على ذلك قولهم أديمٌ مأروط أي مدبوغٌ بالأرطى ومأْروط مَفْعُول البتة
والثاني هو أفْعَل فهمزتُه زائدة والدليل على ذلك قولهم أديمٌ مَرْطيّ في لغةٍ صحيحة وقد قالوا أديمٌ مُؤرْطِي فيحتملُ أن يكونَ مُفَعْلِى فتكون الهمزةُ أصلاً وهو مثل مُسَلْفِى ومُجَعْبِى وأن يكونَ وزنُه مُفَعْلاً على القول الثاني والأوّل أقيسُ فإنْ سمَّيتَ به رجلاً مع الحكم بزيادةِ الهمزةِ لم تصْرِفه للوزنِ والتعريف
مسألة
أثفيّة فُعليّة عند قومٍ لأنَّهم أخذوه من تَأثَّف القومُ حولَه إذا أحاطوا به وأُفْعُولَة عند آخرين ودلَّ على ذلك قولُ الشاعر ( ... وصَالِياتٍ كَكَما يُؤثْفَيْن )
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 240 ]
ووزنه يُؤفْعَلن وقيل يُفَعْلَين فيخرّجُ القولانِ على المذهبين في الهمزة
مسألة
يقال عَجينٌ أنْبَجان وشيء أَخْطَبَان ووزنهما أفْعلان فالهمزةُ زائدةٌ ويدلُّ على ذلك وجود الشرط الذي ذكرناه من وقوعها مع ثلاثةِ أصُول ولأنَّ أنبجان من معنى النَّبْج وهو ما يخرج باليد من نفخٍ فكذلك العجين وأخْطبان من الْخُطْبة وهي لونٌ
مسألة إصْلِيت إفْعِيل من صَلَت وأصله السرعة
وإجْفِيل إفْعيل من جفَل وإخْرِيط من خَرط وشَرطُ زِياتها مذكورٌ موجودٌ على ما ذكرنا
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 241 ]
فصل
وأمَّا زيادةُ الهمزةِ حَشْواً فقليلٌ لا يُقدّم عليه إلاَّ بدليلٍ ظاهر ومهما أمكَنَ أن يكونَ أصْلاً لم يُحكَم بزيادتها وعلّةُ ذلك انَّ الهمزةَ ثقيلةٌ والزيادةُ في الحشْوِ والطَّرفِ تكون لمعنىً نحو التَّصْغير والتكسير والمدِّ والتأنيث وليست الهمزةُ من حروفِ هذه المعاني بخلافِ زيادتها أوّلاً فإنَّها تأتي لمعنىً وهو المبالغةُ والتعديةُ وما أشْبَههما فإنْ وجدتَها حَشْواً أوْ طرفاً فاحكم بأصالتِها إلاَّ أنْ يصحَّ دليلٌ على زيادتِها فمن الأصول زِئْبق وضِئْبِل
فصل
ومما جاءت فيه زائدةٌ وسطاً حُطَائِط وإنَّما عُلم ذلك بالاشتقاق ولأنَّ الحُطائط الصغيرُ فكأنَّه مَحْطُوط
ومن ذلك جَمَلٌ جُرائِض همزتُه زائدةٌ لوجهين
أحدهما قولُهم في معناه جِرْواض
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 242 ]
والثَّاني أنَّه الجملُ الكثيرُ اللحمِ العظيم فهو من الجَرَض وهو الغَصَص في الصدْرِ لأنَّ ذلك تطابقٌ وازدحام
ومنها النِئِدِلان هَمْزَتُه زائدةٌ وهو الكابوس لوجهين
أحدهما قولهم في معناه النَيْدُلان بالياء فقد ذهبت الهمزة
والثَّاني أنَّه من معنى النَدْل وهو أحْذُ الشيء بعدَ الشيء
ومنها شَمْأَل بزيادةِ الهمزة ثانيةً وثالثةً لأنَّها من شملت الريح والريح شَمْلٌ وشمول وشَمال بستِّ لغات
فصل
ومن زيادتِها أخيراً امرأةٌ ضَهْياء وضَهْيَاء بالمدِّ والقصر وهي التي لا تَحيض
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 243 ]
وقيلَ التي لا ثَدْيَ لها وقال الزّجاجُ همزتُها في القصرِ أصلٌ وحجَّةُ الأولين من ثلاثة أوجه
أحدهما أنَّ اشتقاقَها من المضاهاة وهي من الياء والمرأةُ التي هذه صِفتُها تضاهي الرجال
والثَّاني أنها لو كانت أصلاً لكانت الياءُ زائدةٌ فكانَ البناءُ لا نظيرَ له إذْ ليسَ في الكلام فَعْيَل بفتح الفاء فإن قيل لِمَ لا تكونُ الياءُ أصلاً أيضاً
قيل لأنَّ الياءَ لا تكونُ أصلاً مع ثلاثةِ أحرفٍ أصول
والثَّالثُ قولهم في معناها ضَهْيَاء بالمدّ وهذا قاطعٌ بزيادة الهمزة لأنَّ الهمزةَ هنا للتأنيث
فإنْ قيل لِمَ لا تكونُ أصلاً على وزنِ فَعْلال كناقة خَزْعال قيل لثلاثةِ أوجه
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 244 ]
أحدها أنَّ الياءَ لا تكونُ أصلاً مع ثلاثةِ أحرفٍ أصولٍ كما تقدَّم
والثَّاني أنَّها غيرُ مصروفةٍ ولا سببَ إلا همزةُ التأنيث
والثالث أنَّ فَعْلالاً ليس في كلامهم وخَزْعال لا يثبتُه البصريون وإذا ثبتَ كانَ شاذاً
مسألة
الهمزةُ في الغِرْقئ وهو قِشْر البيضةِ الأسفل أصلٌ وقال الزجّاجُ هي زائدةٌ قالَ لأنَّه من معنى الغَرَق لأنَّ تلك القِشْرةَ تغتَرِقُ ما تحوي عليه أي تُخْفِيه أو يغْتَرِقُها ما فوقها وقال ابن جنّي وغيرُه لا يُحكم بزيادةِ الهمزةِ غيرَ أوَّلٍ إلا بثَبَتٍ وما ذُكر من الاشتقاق فليسَ بقاطع لبُعْدِه من المعنى ولو قرب لم يكن حجّةً أيضاً إذ يجوزُ أن يكونَ معناهما واحداً والأصولُ مختلفة مثل دَمِث ودِمثر وسَبِط وسِبَطْر وأشْبَهُ شيءٍ مما نحن فيه قولُهم كَرَفَ الحِمارُ إذا تشمَّم البولَ ورفَع رأسه والكِرْفئ السَّحابُ المرتفع وهمزتُه أصلٌ ولا يقالُ هو من كَرَف الحمار وإنْ تقارَب معناهما
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 245 ]
مسألة
أُرْجُوان أُفْعُلان من معنى الرجا وهو صِبْغٌ أحمر لأنَّه يُرْجَى أي يُطلبُ لِحُسْنِه أو يُرجى بقاؤه لِشدَّتِه فالهمزةُ والنون زائدتان وقيل وَزْنُه أُفْعُوال من رَجَن إذا أقام فكأنَّ هذا الصِّبْغَ يدومُ وقيل فُعْلُوان من الأرَج وهو الرِّيحُ لأنَّ له ريحاً
مسألة
الهمزةُ في إصْطَبل وإرْدخل أصْلٌ لِوجهين
أحدهما أنَّ معها أربعةَ أحْرُفٍ أُصول ومثلُ هذا يحكمُ على حروفها كلّها بالأصالةِ لأنَّ الهمزةَ ثقيلةٌ والأرْبَعةَ مُسْتَثْقَلةٌ وليست زيادةُ الهمزةِ فيها لمعنىً فلا وجْهَ إذاً للزِّيادة
والثَّاني أنَّ الكلمةَ أعجميةٌ والأعجميُّ لا يُعرف له أصولٌ حتى يُحكم على بعض حروفه بالزِّيادة إلا في الألف فإنَّها لخفتها وكثرتها يحكُم عليها بالزيادة في
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 246 ]
الأعْجمية وعلى هذا قالوا همزة إبراهيم وإسماعيل وأبْريسم أصل
مسألة
الألفُ على أربعةِ أضْرب
أصْلٌ وذلك في الحروفِ والأسماءِ المُوغلةِ في شَبَهها
وبَدَلٌ من أصلٍ نحو الف ماء وقال وباع
وبدلٌ من زائد كألف مِعْزى وحَبَنْطَى فإنَّها بَدَلٌ من الياء التي للإلحاق
وزائدة للتأنيث كألفِ حُبْلى وزائدةٌ للتكثير كألفِ قَبَعْثَرى وليست للإلحاق إذْ ليسَ في الأسماء سداسيٌّ فتحلق به
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 247 ]
مسألة
الألفُ في مُوسى الحديد لامُ الكلمة في أحدِ القولين والميمُ زائدةٌ واشتقاقُه من أَوْسَيْتَ رأسَه إذا حلقته فَمُوسى مُفْعَل مثل مُعْطى فالحديدةُ مُفْعَل بها والرأسُ مَفْعَل به
والقولُ الثَّاني هي للتأنيث واشتقاقُه من ماسَ يَمِيسُ فكأنَّ الحديدةَ لكثرةِ تحرّكها في الحِلاق تَميسُ أي تضطرِبُ فوزنها فُعْلى
وأمَّا مُوسى وعِيسى عَلَمين فالألف فيهما لغير التأنيث ولذلك قال سيبويه إذا نكّرْتَهما صَرَفْتَهما لأنَّهما أعْجَميان فلا يُقْضى على ألفهما بالتأنيث
مسألة
الألفُ في قَطُوْطَى بدلٌ من الواو وأصلُ الكلمةِ من القَطَوان وقد
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 248 ]
كُرِّرت فيها العينُ واللام فأصلها من قَطَوطو فقلبت الواو الأخيرةُ الفاً لتحركها وانفتاحِ ما قبلها وقيلَ هي للتأنيثِ ووزنُها فَعَلاً فلامُها طاءٌ مكرَّرةٌ ولامُها الأولى واوٌ فهي مثل حَبَرْكى
وقيلَ الواوُ زائدةٌ والألفُ مُبْدَلةٌ من واوٍ ووزنُها فَعَوْلَلَ مثل فَدَوْكَس وسَرَوْمَط
وقيلَ وزنُها فَعَولا فألفُها للتأنيث وعلى هذين الوجهين تكونُ الكلمة من القطّ
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 249 ]
مسألة
الياء في يَرْبُوع ويَرْمَع ويَعْمَلة زائدةٌ لوجهين
أحدهما الاشتقاقُ فإنَّه من رَبَع ورَمَع وعَمِل
والثَّاني أنَّ بعدَها ثلاثةَ أحجرفٍ أصولٍ وذلك قاطعٌ بزيادتِها ومن هنا حُكمَ على ياءِ ضَيْغَم وخَفَيْدَد بالزِّيادة
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 250 ]
مسألة
الياءُ في يَسْتَعُور اصلٌ عُرف ذلك بالسبر وذلك أنَّ الواوَ فيها زائدةٌ بلا خلاف فبقيَ فيها من حُروف الزيادة الياءُ والسينُ والتَّاء ويمتنعُ أن تكونَ كلّها زائدةً لأنَّ الكلمةَ تبقى على حرفين والحَكم على أحدِ الثَّلاثةِ بالزِّيادة تحكّمٌ فإنْ قلتَ لِمَ لا تكونُ السِّينُ أصْلاً والآخرانِ زائدان من معنى سعر قيلَ لوجهين
أحدهما أنَّ جَعْلَ السينِ أصلاً دون الياء والتاء مع إمكان كونِه من يَعَر تَحكّمٌ
والثَّاني أنَّ مثالُ يَفْتَعُول معدومٌ فلا يُحْمَلُ عليه
مسألة
الواو في تَرْقُوة زادئةٌ لأمرين
أحدهما أنَّها مع ثلاثةِ أحرفٍ أصول
والثَّاني أنَّها لو كانت أصلاً لكانت على فَعْلُل ولا نظيرَ له فإنْ قيلَ لِمَ لا تكونُ التَّاء زائدةً والواو اصلاً قيلَ لوجهين
أحدهما أنَّ هذا تحكّم إذْ لا مُرَجّحَ
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 251 ]
والثَّاني أنَّ الحكمَ بزيادةِ الواو أوْلى لكثرة زيادَتِها ومثلُه عَرْقُوة وأمَّا قَلَنْسُوَة فواوها زائدةٌ أيضاً لأنَّ النونَ فيها زائدةٌ فتبقى الواوُ مع ثلاثةِ أحرفٍ أصولٍ
مسألة
الياءُ في يَأْجَج أصلٌ والكلمةُ من المُلْحق وإنَّما كان كذلك لأنَّها لو كانت زائدةً لأدغم الجيمُ في الجيم ولَمَّا لم تدغَم عُلِمَ أنَّه مُلْحَقٌ بجعفر ونظيرُه قَرْدَد
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 252 ]
باب زياة الميم
حكُم الميمِ إذا وقعتْ أوّلاً حكُم الهمزةِ إذا كانَ بعدَها ثلاثةُ أحْرُفٍ أصولٍ حكَم بزيادتها وإنْ كانَ مع أربعةِ أصولٍ فهي أصلٌ
فمنَ الأوَّل زيادتُها في اسمِ الفاعلِ والمفعولِ نحو مُكْرِم ومَضْرُوب ومِضْراب ومِنْحَار للمبالغة وتُزَادُ في أوَّل المصدرِ نحو مَضْرَب ومَدْخَل وفي أوَّل المكانِ نحو مَجْلِس وفي أوَّل الزمان نحو أتتِ الناقَةُ على مَنْتِجها أي وقت نِتاجها وهذا كلّه ظاهرٌ فإنَّ الاشتقاق يدلُّ عليه
ومن الثَّاني ميمُ مَرْزَجُوش الميمُ فيه أصلٌ لأنَّ أربعةَ أحرفٍ أصول والكلمةُ أعجمية أيضاً
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 253 ]
فصل
فأمَّا زيادتُها وسَطاً وآخراً فلا يُحكمُ به إلاَّ بدليلٍ ظاهرٍ كما ذكرنا في الهمزةِ
فَمِمَّا زيدت فيه وسَطاً لبنٌ قُمارِص أي قارص لأنَّه بمعناه من غير فَرْقٍ والفعلُ المأخوذُ منه قَرَص اللبن فذهابُ الميمِ من الفعل واسمِ الفاعل الذي هو الأصلُ دليلٌ زيادتِها هنالك
ومن ذلك أسدٌ هِرْماس لأنَّه من الهَرْس وهو الدقُّ وكأنَّ الكلمةَ قُوِّيت بالميمِ لتدلَّ على كثرةِ هَرْسِه
ومن ذلك دُلامِص لأنَّه مأخوذٌ من الدِّلاص وهو البرّاق ويُقال دَلْمَص بغيرِ الف ودَمْلص بتقديم الميم على الألفِ وحذفِها والتقديمُ والتأخيرُ دليلٌ على زيادَتِها لأنَّ الاصلَ لا يُتلاعبُ به
وقال المازنيّ الميمُ اصل كَدَمِث ودِمَثْر
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 254 ]
فصل
وممَّا زيدت الميمُ في آخرِه زُرْقُم وحُلْكُم بمعنى الأزْرق والحالك وفُسْحُم أي مُنْفَسح وناقة دِلْقَم من الاندلاق لأنَّها التي أسنّت حتى اندلقت أسنانُها ورجلٌ سُتْهُم لأنَّه العظيمُ الاست
مسألة
الميمُ في مَنْجَنِيق أصلٌ والنُّون الأولى زائدةٌ والدليل على ذلك أنَّهم جمعوه على مَجانيق فحذفوا النونَ ولا يجوزُ أنْ تكونَ المحذوفة أصلاً لأنَّ الأصليّ لا يُحذف وهو ثانٍ ولا يجوزُ أنْ تكونَ الميمُ زائدةً مع أصالةِ النون إذْ لو كان كذلك لَحُذِفت
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 255 ]
وبقيَ النون ولا يجوزُ أنْ يكونا زائدين إذ ليسَ في الأسماء ما هو كذلك إلا ما انبنى على الفعل نحو مُنْطَلق ومستخْرِج
فأمَّا إنْقَحْل فقيل حروفُه كلّها أصول مثل جِرْدَحْل ولا يَمْنَعُ ذلك كونُه من معنى القُحُولة لِما ذكرنا من نحو سَبِط وسِبَطْر والصحيحُ أنَّ الهمزةَ والنونَ زائدتان وهو شاذ ولم يأتِ منه إلاّ هذه الصفةُ
وقولُهم رَجُلٌ إنْزَهْوٌ وامرأةٌ إنْزهوَة وقولهم جَنَقُوهم شاذ على انَّه مشتقُّ بحذفِ بعضِ الأصول كما تقولُ حَوْلَق إذا قال لا حولَ ولا قوّةَ إلاّ بالله
مسألة
الميمُ في مَنْجَنُون وهو الدُّولاب أصلٌ وكذلك النّون الأولى والنونُ الأخيرةُ
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 256 ]
مكررةٌ ووزنُه فَعْلَلُول مثل عَضْرفُوط ودليلُ ذلك قولهم مَناجين فأثبتوا النونَ الأولى وحذفوا الأخيرة كما حُذفت الطَّاء من عَضَافير
مسألة
الميمُ في مِعْزى أصلٌ لقولهم ماعِز ومعيز ومَعْز وأمْعُز والألف للإلحاق
مسألة
الميمُ في مَأْجَج ومَهْدَد أصلٌ لأنَّها لو كانت زائدة لأُدغم المِثْل في المِثْل كما في مِكَرٌ ومِفَرٌ فلَمَّا أظهروا دلَّ على أنَّهم قصدوا الإلحاقَ بجعفر فإنْ قلتَ مَحْبَب كذلك وميمه زائدة قلنا الأصلُ محبّ إلاّ أنَّه غُيِّر كما تُغيّرُ الأعلامُ ولا يلزمُ مثلُه في مأجَج ومَهْدَد لأمرين
أحدهما الأصلُ عدم التغيير والزيادة
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 257 ]
والثَّاني أنَّ مَحْبباً ظاهرٌ في معنى الحُبّ وليسَ مأجَج ومَهْدَد ظاهرين في معنى أجّ وهدّ
مسألة
الميمُ في مَعدّ أصلٌ لقولهم تَمَعْدَدوا ووزنه تَفَعْلَلوا أي كُونوا على أخلاقِ معدّ فإنْ قلتَ قد جاءَ تَمَفْعَل نحو تمدرَع وتمندَل وتَمَسْكَن قيل هذا شاذٌّ لا يُقاسُ عليه على أنَّ الجيِّدَ فيه تندلّ وتدرّع وتسكّن
مسألة
الميمُ في مِرْعِزاء بكسرِ الميم والعين وإسكانِ الرّاء والمدّ والتخفيف زائدةٌ
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 258 ]
ودليلُ ذلك قولُهم فيه مَرْعِزّى بفتح الميمِ وإسكانِ الراء وكسر العين والتشديد والقَصْر لأنَّ الألفَ فيه زائدةٌ والزَّايَ مكررةٌ فيبقى مِرْعِز ولا نظيرَ له إذْ ليس في الكلام مثلُ جِعْفِر وإذا ثبتتْ زيادتُها في أحد البِناءين ثبتتْ في الآخر كما قالوا في تُرْتَب ولولا ذلك لكانت الميمُ أصلاً إذْ له في الكلام نظير وهو طِرْمِساء
مسألة
الميمُ في بُلْعُوم وحُلْقُوم زائدةٌ لأنَّهما من البَلْع والحلق ويخرجُ على قول المازنيّ أن يكون أصلاً كما قالوا في دُلامِص
مسألة
اختلفوا في ميم مَلك فذهب الجمهورُ إلى أنَّها زائدة ثمّ اختلفَ هؤلاء في الأصلِ فقال أكثُرهم أصلُها مَلأَكٌ وهو مَفْعَل واستَدلّوا على ذلك بقول الشّاعر من - الطويل -
( فَلَسْتُ لإنسيٍّ ولكنْ لِمَلأَكٍ ... تنزَّلَ من جوِّ السماءِ يَصُوبُ )
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 259 ]
وبقولهم ألكني إليها وهو أفِلْني وأصلُه ألئكني إلاّ أنَّهم ألْقَوا حركةَ الهمزةِ على اللاّم وحَذَفوها ويدلُّ عليه قولُهم في الجمع ملائك وملائِكة على وزن مَفَاعِلة ولو كانت غيرَ زائدةٍ لكانت فَعايلة الواحد فَعيلة وليس كذلك
ومنهم من قالَ هو من الألوكة وهيَ الرسالة ووزنُها فَعُولة وأصل مَلك على هذا مألك ثم حُذفت الهمزة
وقيل أصله من لاك يلوك إذا ردّد الشيءَ في فيه والرسالة كذلك إلاّ أنَّ عينَ الكلمة حُذفت تخفيفاً
وقال قومٌ الميمُ أصلٌ مأخوذٌ من الْمَلَكَة وهي القوّةُ وهذا بعيدٌ لأنَّ الجمعَ يُبْطِلُه إذْ لو إذْ كان جمع فعل لا يكون مَفَاعل فإن قيل فقد جاءَ فيه أملاك قيل هو شاذٌّ على أنَّه يحتمل أن يكون جُمع على اللفظ لا على الأصل
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 260 ]
بابُ زيادة النون
قد ذكرنا أنَّ النونَ من حروفِ الزيادةِ لِشَبهها بالواو وقد زيدت أولاً للمضارعةِ نحو نذهبُ وتدلُّ على المتكلِّمِ ومَنْ معه اثنين كانوا أو جماعةً وتكونُ للواحدِ العظيم لأنَّ الآمرَ إذا كان مطاعاً تُوبع على الفعل وتُزاد ثانيةً نحو انطلق وبابُها أن تجيء للمطاوعة كقَطَعْتُه فانقطع وأطلقته فانْطَلق ومعنى المطاوعة قَبُول المحلّ لأثرِ فِعْلِ الفاعل فيه فالانفعالُ اسمٌ لذلك الأثر وممَّا زيدت فيه ثانيةً عَنْسل للنَّاقة السريعة لأنَّه من العَسَلان وهو مشيُ الذئب لأنَّه سريعٌ ومن ذلك عَنْبَسٌ للأسد وهو من العُبوس والاسُد كَرِيهُ الوجه ومن ذلك خَنْفَقِيق لأنَّه من الخَفْق
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 261 ]
وهو الاضطراب والقافُ لام الكلمة مكررةً فأمَّا سُنْبُك فقيل النونُ فيه زائدةٌ وهو من السَّبْك وقيل لطرفِ الحافرِ ذلك لصلابته كأنه سُبك وأمَّا النونُ في سُنْبُل فقالَ ابن دريد هي زائدةٌ وهو من السَّبَل والإسْبال وهو من الاستطالةُ فكأنَّ السُّنْبُلَة لسبوغِها وانتشار أعْلاها مسبلةٌ كالإزار
فصل
وقد زيدتْ ثانيةً في كَنَهْبَل لأنَّها لو جُعِلتْ أصلاً لم يكنْ لها نظيرٌ في الأصول إذْ ليسَ في الأصول مثل سَفَرْجُل ولذلك تحذفُها في الجمعِ نحو
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 262 ]
كَهَابل وكذلك النونُ في قَرَنْفُل والنون في شَرَنْبث زائدةٌ لوجهين
أحدهما أنَّها ثالثة وقبلها حرفان وبعدَها حرفان وما كان كذلك حُكم بزيادتِها فيه لأنَّه موضعٌ تكثر فيه الزيادات كألفِ التكسير وياء التحقير والياءِ في سَمَيْدَع والواو في فَدَوْكَس
والثاني قولُهم في معناه شَرَابِث ومثل ذلك جحافِل ويؤكد زيادتَها فيه أنَّه من معنى الجَحْفَلة والجحفل وأمَّا النّونُ إذا كانت زائدةً ساكنةً ولم تخرج الكلمةُ بها عن الأصولِ فهي اصلٌ إلاَّ أنْ يَدُلَّ الاشتقاقُ على زيادتِها وذلك نحو حِنْزَقْر النون فيه أصلٌ لِمَا ذكرنا وعلّةُ ذلك أنَّ الثاني لم تكثر زيادتُه ككثرةِ زيادة الثالث وِممَّا دلَّ الاشتقاقُ على زيادته من هذا عَنْسل وعَنْبَس وقد ذُكرا ومنه
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 263 ]
قِنْفَخْرٌ النونُ فيه زائدةٌ لقولهم في معناه قُفَاخِريّة والنّونُ في عَرَنْتُن زائدةٌ لقولهم في معناه عَرَتُنٌ ومثله دودم ودوادم فالألف فيه كالنون في عَرَنْتُن لأنَّها سقطت كما سقطت والنُّونُ في العَفَرْنى زائدةٌ لأنَّها من العِفْر والعِفْريت والنُّون في العِرْضِنَة زائدةٌ لأنَّه من معنى الاعتراض والنونُ في بُلَهْنِية زائدةٌ لقولهم عَيْشٌ أبله وذلك أنَّ البَلَه قريبٌ من الغَفْلة والعيش الواسع يُغْفَل فيه والياءُ فيه أيضاً زائدةٌ لأنَّها لا تكونُ أصْلاً في بناتِ الأربعة والنُّونُ في نَرْجِس زائدةٌ إذْ
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 264 ]
ليس في الكلام فَعْلِل بفتح الأول وكسر الثالث وقد يُسُمِعَ فيه كَسْرُ الأوَّل وهذا له نظيرٌ وهو زِبْرِج إلاَّ أنَّ النونَ فيه أيضاً زائدةٌ قد ثَبَتت زيادتُها في اللغة الأولى فلا يجوزُ أن يُحكَم بأصالتها وزيادتها فإنْ قيلَ ألا حكمتَ بأصالتِها لمجيئِها مع الكسر على مثال الأصولِ قيلَ لا يصحُّ إذْ يلزمُ منه على اللغةِ الأُخْرى مخالفةُ الأصول وليس إذا حكمنا بزيادتِها مع الكسرِ ممّا يخالف الأصولَ والنونُ في سكران وعطشان وبابه زائدةٌ بدليل الاشتقاق والأصول
أمَّا الاشتقاقُ فظاهرٌ وأمَّ الأصولُ فإنَّه ليسَ في الكلام فَعْلال بالفتح فأمَّا عُثْمان وعِمران فتعرف زيادتُها فيهما بالاشتقاق وكذلك كلُّ هذا الباب وكذلك المصادر نحو الغَلَيان والشَّنآن والنون في جُنْدُب زائدةٌ على قول سيبويه لوجهين
أحدهما الاشتقاق لأنَّه من الجَدبِ لِصَوْلة الجُنْدب
والثَّاني عَدَمُ النَّظير
وعلى قولِ الأخْفش هي زائدةٌ للاشتقاق وحدَه
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 265 ]
وأمَّا قُنْبَر فكذلك لأنَّهم قالوا قُبّرة بغير نون ولعدم النظير أيضاً
وأمَّا عُرُنْد بضمِّ العين والرّاء وسكونِ النون فنونه زائدة لعدم النظير ولقولهم عُردٌّ جاء ذلك في الرجز والنّونُ في كِنْثَأْو وسِنْدَأو وقِنْدَأْو زائدةٌ أيضاً والأُصول الكاف والثاء والهمزة والسين والدال والهمزة والقاف والدال والهمزة والدليلُ على ذلك كثرةُ ما جاءَ من النّون في نظائرِه زائدةً والواو لا تكونُ مع ثلاثة أصولٍ أصلاً ويُحقّقُ ذلك عِنْدي أنّا لو جَعَلنا النونَ أصلاً لكانت الهمزةُ إمَّا
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 266 ]
أصْلاً فيكون الوزن فِعْلَلَوْ ولا نظير له وإمَّا أن تكونَ زائدةً وهو بعيدٌ لأنَّ زيادةَ النُّون أسهلُ من زيادةِ الهمزةِ حَشْواً ولا يصحُّ أن يُجعلَ الجميعُ أصلاً لعدم النظير
والنونُ في عُنْصَر وعُنْصَل زائدةٌ لعدم النظيرِ ولأنَّه من العَصْر والعَصَل وهو الاعوجاج ومَنْ ضمّ الضادَ حكَم بالزيادة أيضاً لثبوتِ الزيادةِ في المثال الآخر والاشتقاق
والنّونُ في رِعْشَن وضَيْفَن وخِلْبَن وخِلَفْنَة زائدةٌ للاشتقاق وقد زيدت النونُ علامةً للرفعِ في الأمثلة الخمسةِ لعلَّةٍ ذكرناها في باب الأفعال من هذا الكتاب فإنْ قيلَ فقد ذكرتم أشياءَ من الألفاظِ الأعجميةِ وحكمتم على بعض حروفِها بالزيادة مثل نَرْجِس ومن أين يُعلم ذلك وهي كالحروفِ في جمودها
قيلَ لَمّا تكلمت بها العربُ وصرّفوها في الجمعِ والتصغيرِ وغيرِهما أجْرَوْها مجرى العربيّ ومن هنا حكمنا على ألفِ لِجام وواوِ نَيْروز وياءِ إبراهيم بالزِّيادة لقولهم لُجُم ونواريز وأبارِهة أو بَراهمة
وأمَّا النونُ في جُنَعْدل فزائدةٌ لعدمِ النظير في قولِ مَنْ ضمَّ الجيمَ وفتح الدال
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 267 ]
والأكثرون على فتحهما وجعل النون أصلاً وأمّا جَنَدِل بفتح الجيم والنون وكسر الدال فالنون فيه زائدة لعدم النظير
وأمَّ النونُ في نَهشل فاصلٌ لأنه من نَهْشَلت المرأةُ إذا أسنَّت
وأمَّا نَهْصَر فقيلَ هي أصل كَجَعْفَر وقيلَ هي زائدةٌ لأنَّه من معنى الهصر
وأمَّا النُّون في عَنْتَر فأصلٌ عند البصريين لأنَّ له نظيراً وهو جَعْفَر ولم يقم دليلٌ على الزِّيادة من طريقِ الاشتقاق وقال غيرهم هي زائدةٌ لأنَّه مشتقٌّ من العَتْر وهي الشِّدة يقال عتر الرمحُ إذا اشتدَّ وعَتَر أيضاً اضطربَ ويجوزُ أن يكونَ من عتر إذا ذَبح ومنه العَتِيرة
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 268 ]
بابُ زيادة التَّاء
وقد زيدت التاءُ أوّلاً في المضارِع للخِطاب نحو أنتَ تقومُ وأنتِ تقومينَ وأنْتُما تقومانِ في خِطاب مذكَّر ومؤنَّثٍ تَغْليباً وللتأنيث هي تَقومُ وهما تقومان وأنتما تقومان للمؤنثين فأمَّا هنَّ يقمن فاستغْنيَ عن علامةِ التأنيث في الأوَّل لدَلالةِ الضميرِ عليه وأمَّا هُما يقومانِ لمذكَّر ومؤنَّث فبالياء تَغُليباً فأمَّا أنتنَّ تَقُمْنَ فللخطابِ لا غير
وقد زيدتِ التَّاءُ أوّلاً في الأسماء نحو تُرْتب وفيه ثلاثُ لغاتٍ فتحُ التَّاءِ الأولى وضَمُّ الثَّانية وضَمُّ التاءِ الأولى وفتحُ الثَّانية وضمُّهما فيلزمُ مثلُ ذلك في الثالثة والثَّاني أنَّه الشيءُ الرَّاتِبُ فاشْتِقاقُه من رتَب أي ثَبَتَ واطَّرد
والتَّاء في تَنْضُب زائدة لأمرين
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 269 ]
أحدهما عدم النَّظير إذْ ليسَ في الكلامِ فَعْلُلٌ بفتح الفاء وضمِّ اللاَّم
والثَّاني أنَّ تَنْضُباً شجرٌ طويلٌ دقيقُ الأغصانِ فهو من معنى نُضُوبِ الماءِ كأنَّ الماءَ بَعُدَ عنه ومثلُه الشوط وهو شَجَرٌ يُشْبِهه كأنَّ الماءَ شُحِطَ عنه
وأمَّا تَتْفُل ففيه ثلاثُ لُغاتٍ ضمُّ التَّاءِ والفاء وفَتْحُ التّاء وضمُّ الفاء وعكسُ ذلك والتَّاء الأولى زائدةٌ لأمرين
أحدهما زيادَتُها واجبةٌ في اللُّغة الوُسْطَى لعدمِ النَّظير وكذلك على اللغةِ الأخيرة في قول سيبويه وتلزمُ زيادَتُها على اللغة الأولى وهكذا إنْ دخلت عليه تاءُ التَّأْنيث لوجوبِ زيادتِها قبلها
والثَّاني أنَّه قريبٌ من معنى التَّفْل وهو البَصْقُ لأنَّ ولدَ الثعلب وهو التَّتْفُل يَجْري في مَشْيه بسهولةٍ كَرِقَّة البُصَاق أو كأنَّه يَقْذِفُ جَرْيَه كقَذْفِه البُصاق
وأمَّا التَّاءُ في تِنبال ففيها وجهان
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 270 ]
أحدهما هي أصلٌ والنونُ زائدةٌ لأنَّه القصيرُ وهو من التّبْل الذي هو القَطعُ إذ القصيرُ قِطْعَةٌ من الطَّويل
والثَّاني عَكْسُ ذلك واشتقاقُه من النَّبْلِ لأنَّه قصيرٌ مثله
وأمَّا التصدير فَتاؤه زائدةٌ لأنَّه من الصَّدر
فأمَّا التَّاء الأولى من تَرَبُوت فأصلٌ لأمرين
أحدهما أنَّ الأخيرةَ زائدةٌ فلو زيدَت الأُخْرى لم يبقَ ثلاثةُ أحرفٍ أصول
والثَّاني أنَّه من معنى ا لتُّرَاب فكأنَّ الناقةَ المُذَلَّلَةَ كالتراب في السُّهولة وقد أُبدلتِ التَّاءُ وإلا فقالوا ناقة دربوت أي مُدَرَّبةٌ ويجوزُ أن يكونَ ذلك أصلاً آخر
وأمَّا التّاء في تَوْلَج فبدلٌ من الواو
وأمَّا التَّاء في الرَّهَبُوت وبابِه فَزائدةٌ بدليل الاشتقاق وعدمِ النَّظير
وكذلك التَّاء في عنكبوت لقولهم عَناكِب
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 271 ]
وأمَّا التَّاء في تَدْرَأ فزائدةٌ لعدم النظيرِ والاشتقاق لأنَّه من الدَّرْء
وأمَّا التاءُ في سَنْبَتة وهي القطعة من الدَّهر فزائدة لقولهم في معناها سَنْبَةً
وقد اطَّردت زيادةُ التَّاء في الفعلِ للمعاني نحو تَفَعَّل وتَفَاعَل وافتعل وفي مصادرها وفي مصدر فَعّل نحو قطّع تَقْطيعاً فزيادةُ التّاء والياء عوضٌ من تَشْديد العينِ في الفعل ليدلَّ على التكثير والتوكيد وأمَّا التَّاء في الطَّاغوت فهي زائدةٌ وأمَّا الكلامُ على ألفها ووزنها فيأتي في البَدَل إنْ شاء الله تعالى
فصل
في تاء التأنيث
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 272 ]
قد زيدت تاءُ التأنيثِ آخرِاً في الفعل نحو ذَهَبَتْ وهي ساكنةٌ أبداً والغرضُ منها الدَّلالةُ على تأنيثِ الفاعل على ما نبيِّنه في بابه وفي الاسم نحو قائمةٌ وشَجَرةٌ وفي بعض الحروفِ نحو رُبَّت وثُمَّت أرادوا تأنيثَ الكلمة ويوقفَ عليها هاءٌ ومنهم مَنْ يقفُ على التَّاء حَمْلاً على الفِعْل إذ لم يُدلّ على تأنيثٍ في المعنى
وأمَّا لاتَ كقوله تعالى ( وَلاَتَ حِينَ مَناصٍ ) فهي لا زيدتْ عليها التَّاءُ وعَمِلتْ عملَ ليسَ وقد استوفيتُ ذلك في إعرابِ القرآن
وقد زيدت مع الألف في جمعِ المؤنَّثِ نحو مُسْلِمات وقد ذُكرَ في صَدْر الكتاب وأمَّا إبدالُ التَّاء هاءً فيذكرُ في حرفِ الهاء
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 273 ]
باب زيادة الهاء
قَدْ ذَكَرْنَا شَبَه الهاءِ بالألف في خَفَائها وقُرْبِها من مَخْرجها إلاّ أنّها في الْجُملة تقلُّ زيادتُها بحسب بُعْدِها من حُروفِ اللِّين وقد زيدت أوّلاً وحَشْواً وآخِراً
فمن الأوَّل هِرْكَوْلَة على قول الخليل لأنَّه أخَذَه من الرَكْل لأنَّه رأى أنَّ الهِرْكَوْلةَ المرأةُ العظيمةُ الأوْرَاك فهي تَرْكُل في مَشْيها أي تَرفَعْ وتضعُ بشدةٍ وقال غيرُه هو أصلٌ واحَتجَّ بأنَّ الأصلَ عدمُ زيادتها وهذا البناءُ يمكنُ أن تكونَ فيه أصْلاً وإنْ كان في معنى الثُّلاثي كما أنّ سَبِطاً وسِبَطْراً بمعنى
ومن ذلك هِبْلَع أُخِذَ من البَلْع لأنّه الرجلُ الكَثير البَلْعِ وهِجْرَع
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 274 ]
الكثيرُ الْجَرْع فَزِيادةُ الهاءِ تُنبّه على المبالغةِ في هذين الْمَعْنَيين وقال قومٌ هُمَا أصْلان
وقد زيدت ثانيةً في أهْراقَ لأنَّ أصلَ الكلمةِ من رَاق يريق والدليل عليه قولهم تريُّقُ الماءِ تَرَدُّدُه على وجه الأرض وهو من الياء إذْ لو كانَ من الواو لَقالوا تَروّقُ الماءِ تردّده وقال قومٌ هو منَ الواو من راقَ يَرُوق إذا ضفا وهو لازِمٌ فإذا أردتَ تعديَته زِدْتَ عليه الهمزة فقلت أرَقْتُه مثل باتَ وأَبَتُّه فإذا قالوا أهْرَقته فقد زَادُوا الهاءَ ومنهم مَنْ يقول هَرَقْتُ الماءَ فالهاءُ هنا بَدَلٌ من الهمزةِ فإذا بنيتَ منه اسمَ فاعلٍ قلتَ على الأوّل فهو مُهَرِيق والمفعول مُهَراق فالهمزةُ محذوفةٌ والهاءُ تحرّكت كما كانت في الفعل ونظيرُه من الصحيح أكرمَ إذا زدتَ عليه الهاءَ قلت أُهَكْرِم فهو مُهَكْرِم والأصلُ مؤهكرم فأمّا مَنْ أبدلَ الهمزة هاءً فقالَ هراق فاسم الفاِعل مُهَرِيق واصله مثل مُؤرِيق ثم نُقلتْ حَركةُ الياء إلى الرّاء وسكّنت الهاء فهو مثل مُقيم في الأصل من أقام إذ لو جعلتَ مكانَ الهَمزةِ هاءً فقلت مهقيم فأثبتَ الهاءَ ولم تَحْذِفْها كما حذفت الهمزة لأنّ العلّةَ في حذفِ الهمزةِ ما نَذْكُره في الحذفِ وذلك مخصوصٌ بها دون بَدَلها
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 275 ]
وقد زِيدت الهاءُ في أمّهات والأصل أمّ على فُعْل ولذلك قلتَ أمٍّ بَيّنةُ الأُمُومة وأمّ كلٍّ شيئ أصلُه ومنه قيل لمكّة أمُّ القرى ورئيسُ القوم أمُّهم وزيادة الهاء في أمّهات الناس للفرْق بينها وبين أمّات البهائم وقد جاءَ بغير هاء في الناس فقال من - المتقارب - ( ... فَرَجْتَ الظَّلامَ بأمّاتكا )
ومنهم مَنْ يقولُ أمَّهات البَهائم وهو قليلٌ كقلّةِ أمّات الناس وقال قومٌ الهاءُ في أمهات أصل وهو بعيد لوجهين
أحدهما أنّ الواحدَ لا هاءَ فيه وهو الأصل
والثَّاني أنَّ الأصلَ الذي يوجدُ منه على القولِ بِأصالةِ الهاء هو الأمَهُ وهو النِّسْيَان ولا معنى له ههنا
وقد زيدت الهاء آخراً للسكت ومعنى ذلك أن يكون الحرف الأخير خفيّاً فيبيّن
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 276 ]
بالوقف بالهاء نحو كِتابيَهُ وحِسَابيَهُ أو تكون حركة الحرفِ دالّةً على حرف محذوفٍ نحو لِمَ وبمَ فإنَّ فتحةَ الميم تدلُّ على الألفِ المحذوفة فلو وقفت عليها وسكّنتَ لم يبقَ على المحذوفِ دليلٌ وإنْ حرّكتَ لتدلَّ وقفتَ على الحركةِ فزادوا الهاءَ لتبقى الحركةُ ويكونَ الوقفُ على الساكن وإنَّما اختاروا الهاءَ لِضَعْفِها وخَفَائها وبذلك أشْبَهت حروفَ المدِّ
ومن ذلك اغْزُ وارْمَ واسْعَ واخْشَ إذا وقفتَ عليها ألحقتَها الهاء ويجوزُ أنْ تقفَ بغير هاءٍ في ذلك وهو الأصْلُ فأمَّا ما حُذِفتْ فاؤه ولامُه في الأمر من وقَى ووَفَى فأكثرهم يقفُ عليه بالهاء نحو قِهْ وفِهْ وعِهْ تقويةً للكلمةِ إذْ بقيتْ على حرفٍ واحدٍ ولاستحالة تَسْكِينها إذْ كانتْ مَبْدُوءاً بها موقوفاً عليها ومنهم مَنْ يُجوّز تركَ الزِّيادةِ ويقفُ على الحركةِ فأمَّا إنْ كانت الحركةُ حركةَ إعراب لم يُوقفْ عليها بالهاء كَضربَ ويرمي وإنْ كانَ السكونُ إعراباً فكذلك نحو لَمْ يضربْ ولم يرْمِ ولم يغزُ
وأجازَ قَوْمٌ في المجزومِ المعتلِّ الوقْفِ على الهاءِ نحو إنْ تَفِ أَفِهْ وإنْ ترمِ أرْمِهْ تشبيهاً له بالمبنيّ
ومِمَّا يُوقَفُ عليه بالهاء والنون بعد الواوِ والياء نحو مُسْلِمُونَهْ ومُسْلِمينَهْ وتتفكَّرونَهْ لأنَّ حركتَها حركةُ بناءٍ بعد حَرْفٍ ساكنٍ فَكَرِهُوا أنْ يَقِفُوا على السَّاكن بعد السَّاكن ولذلك أجازوا كَيْفَهْ لأنَّ حركةَ هذه الحروفِ كلِّها حركةُ بناءٍ بعدَ حَرْفٍ ساكن
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 277 ]
باب زيادة السين
وقد زيدت في الاسْتِفْعال وما تصرّفَ منه بمعنى الطَّلب نحو اسْتَسقَى الماءَ أي طلبَ أنْ يُسْقاه وقد جاءَ استفعلَ بمعنى فَعَلَ نحو استقرَّ بمعنى قرَّ وقد زيدت عِوَضاً في اسطاعَ وفي هذه الكلمةِ أربعُ لُغات أطاعَ وأسْطَاع بقطْع الهمزةِ واسْطَاعَ بوصلها واسْتَطَاعَ بالتَّاء ولغةٌ خامسة اسْتَاعَ
فأما ( أَطَاعَ ) فمثل ( أقَام ) فالألفُ بدلٌ من الواوِ لِمَا نذكُرُه في البَدل
وأمَّا اسْطَاع بوصلِ الهمزةِ فأصلُه استَطَاع فحذفت التاء لمجانستها الطَّاءَ كما يُحذف أحدُ المِثْلَيْن
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 278 ]
وأمَّا أسْطاعَ بقطع الهمْزَةِ وفتحها فالسِّينُ فيه بَدَلٌ من حركةِ لفظِ حركةِ الواو وذلكَ أنَّ أصلَه أطْوَعَ فنقلت حركةُ الواو إلى الطّاءِ على ما يوجبه القياسُ ثم أُبْدِلت السّينُ ممَّا ذكَرْنا والدليلُ على ذلك من وجهين
أحدهما أنَّ همزةَ أسْطاع مفتوحةٌ مقطوعةٌ مثلُ همزةِ أطَاع
والثَّاني أنَّ حرفَ المضارعةِ فيه مضمومٌ مثلُ يُطيع ولو كانت سينُ استفعلَ لم يكن كذلك وقال المبرّد هذا غلطٌ لأنَّ حركة الواو قد نقلت إلى الطَّاء فهي موجودةٌ فكيفَ تصحُّ دَعْوَى البَدل منها مِنْ موجودٍ
فالجواب عمَّا قال من وجْهين
أحدهما أنَّ الواوَ لَمَّا سُكِّنت قُلبتْ ألِفاً وتعرَّضت للحذفِ في الجزْم ولو كانت الحركةُ باقيةً في حكم الموجودِ لم يكنْ كذلك
والثاني أنَّ السينَ بدلٌ من الحركةِ الكائنة في الواوِ ونقلُها إلى غيرها لا يُخْرِجُها عن استحقاقِ الحركةِ وأنَّها ليست موجودةً فيها وقد زيدت السِّينُ في بعض اللُّغاتِ بعد كافِ المؤنث نحو رأيتكس ومررت بِكَس وبعضُهم يزيدُ الشين وهو شاذّ
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 279 ]
بابُ زيادة اللاّم
اعلمْ أنَّ زيادَتها بعيدةٌ في القياس لبُعْدِها من حروفِ المدِّ وإنَّما زيدت في حروفِ قليلةٍ قالوا في زيدٍ زَيْدَل وفي عَبْدٍ عَبْدل وقالوا في الأفْحَج فَحْجَل وقالوا في أولئك أولالك وهذا شاذ فأمَّا اللاَّم في ذلك فزائدةٌ لبُعْدِ المُشار إليه وقيلَ هي بَدَلٌ من ها التي للتَّنْبيه وكذلك هي زائدةٌ في تِلك وقد زيدتْ للتَّعريف على ما ذكرنا في باب المعرفةِ والنَّكرةِ
فصل
كلُّ حرفٍ مُشدَّدٍ في أصلٍ ثلاثيّ فالثّاني منهما زائدٌ وقد تكرَّر حرفانِ الفاءُ والعين نحو مَرْمَريس ومَرْمَريت ولا نظير لهما ووزنُه فَعْفَعيل
فأمَّا دَرْدَبيس فلا تكريرَ فيه لأنَّ الدَّال الثانية لم تتكرر معها الراُْءُ فوزنه فَعْلَلِيْل
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 280 ]
وأمَّا دَدن ودَدَى وَدَدٌ فلا يُقالُ الفاءُ مكررةٌ بل فاؤه وعينُه من موضعٍ واحد وقد يُفْصَل بين المثلين في مثلِ ذلك نحو كَوْكَب
فأمَّا أوَّل ففاؤه وعينه واوان وله موضعٌ يذكر
فصل
الأصلُ أنْ تكونَ الزيادةُ أخيراً لأنَّه موضعُ الحاجة إليها إذْ البَدْأَةُ بالاصول ممكنةٌ وإنَّما يقترض بعد إنفاق الحاصل إلاَّ أنَّه قد زيد أوَّلاً وحَشْواً على حسب المعنى
فصل
في الإلحاق
اعلم أنَّ القصدَ من الإلحاقِ أنْ تزيد على بناءٍ حتَّى يصيرَ مُساوياً لبناءِ أصْلِ أكثَر منه وهذا يُوجِبُ أنْ يُزَادَ على الاسم الثُّلاثيّ حتَّى يصيرَ رُباعياً وخُماسياً فقد تَلْحَقُه زيادتان لأنَّ أكثرَ أصولِ الأسماءِ خمسةٌ فأمَّا الفِعْلُ فَيُزادُ على الثُّلاثي واحدٌ فَيَلْحَقُ بالرُّباعي لأنَّ الفعلَ لا خماسيَّ فيه
واعلمْ أنَّ حرفَ الإلحاقِ لا يكونُ أوَّلاً لأنَّ الزيادةَ أوَّلاً تكونُ لمعنىً إذ حقُّ المعنى أنْ يُدلّ عليه من أوَّلِ الكلمة ليستقرَّ المعنى في النفس من أوَّلها فقد يكونُ حرفُ الإلحاقِ حَشْواً وآخراً
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 281 ]
واعلم أنَّ الإلحاقَ إذا كانَ آخِراً جازَ أن يكونَ بالحروفِ كلّها إذا كانَ الملحقُ من جنس اللاّم
وأمَّا الإلحاقُ إذا كانَ حَشْواً فيكون بالياء والواو والنّون فمثال الواو ثانية جَوْهَر ملحق بجعفر فالواو بإزاء العين والياءُ ثانيةً مثل خَيْفَق ومثالُهما ثالثةً جَدْوَل فالواوُ بمنزلةِ الفاء من جَعْفَر وعِثْيَر فالياءُ بإزاء الهاء من دِرْهَم
وأمَّا الألفُ فلا تكونُ للإلحاقِ حَشْواً لأنَّ ما فيها من المدِّ يُخْرِجُها عن مُساواة حروفِ الأصلٍ من غيره ويؤيِّدُ ذلك أنَّها لا تكونُ أصْلاً في الأسْماء المتمكِّنةِ والأفعالِ فلا يُقابَل بها أصْلٌ وأمَّا زيادتُها أخيراً للإلحاق فجائز
فصل
ويُسْتَدلُّ على الألف إذا كانت أخيراً أنَّها للإلحاقِ بثلاثةِ أشياء
أحدها أنْ لا تكونَ منقلبةً عن أصلٍ وأنْ تنوّنَ فالشرَّطُ الأوَّلُ يدلّ على أنَّها إنْ كانت منقلبةً عن أصْل لم تكن زائدةً ومن شَرْط حَرْفِ الإلحاق أن يكونَ زائداً وأمَّا التنوينُ فَيدُلّ على أنَّها ليست للتأنيث
والثَّاني أنْ تكونَ على بناءٍ غيرِ مُخْتَصّ بالتأنيث فَحُبْلى ونحوه من فُعلى
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 282 ]
لا يكونُ إلاّ للتأنيث ومن هُنا كانت ألفُ بُهْمى للتأنيث والألف في بُهْماة زائدةً للتكثيرِ وعلى قولِ الأخفش تكونُ للإلحاق بِجُخْدَب
والثَّالث أن تنقلبَ الألفُ في التصغير ياءً كما تنقلبُ المنقلبةُ إلى الياء نحو مِعْزى وتصغيرها مُعَيْز وأمَّا الهمزةُ في عِلْباء فَمُبْدَلةٌ من ألفٍ مُبْدَلةٍ من ياء زائدةٍ للإلحاق بسِرْداح ولذلك تقولُ في تصغيرها عُلَيْبيّ فتقلبُ ألفَ المدِّ ياءً لانكسارِ ما قبلَها وتعيدُ اللاّم إلى أصلها وقد جاءت ألفاظٌ تكونُ الألفُ في آخرها للإلحاقِ في لغةٍ وللتأنيثِ في أُخرى نحو ذِفْرى وتَتْرَى فمما جاءَ على الإلحاق
اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 284 ]
بابُ البَدل
معنى البدل إقامةُ حرفٍ مَقامَ حرفٍ آخر والغرضُ منه التخفيفُ وموضعُ البَدَل موضعُ المبدَلِ منه بِخِلافِ العِوض فإنَّه في غيرِ مَوضعِ المعوَّض منه كتعويضهم تاء التأنيث في عِدّةٍ وزِنَةٍ من فاء الكلمة التي هي واوٌ وكالهمزة في اسمٍ فإنَّها عُوِّضت من لامِ الكلمةِ التي هي واوٌ فإنْ قيلَ لِمَ فَرَّقوا بينَ العِوَضِ والبدلِ فيما ذكرت البدلُ في اللغةِ من جِنْسِ المُبْدَلِ منه يُقام مقامَه والعوضُ جزاءُ الشَّيء وقد يكونُ من غَيْرِ جِنْسه ألا تَرى أنَّ الثَّوابَ والعِقَابَ على الفِعل تُسمَّى عِوَضاً ويُقال عَوَّضَه اللهُ من وَلَدِه مالا أوْ عِلْماً
فصل
والبَدَلُ على ضَرْبين مَقِيس وغيرُ مَقِيس
فَغَيرُ المقِيس كإبدالهم الياءَ من الباء في الأرانبِ فقد قالوا الأراني وإبدال.